مواهب وابداعات للأستاذ: مومني عبد العالي

مرحبا بجميع القراء الأوفياء

الأربعاء، 5 مارس 2014

من أسباب تقدم روسيا...وانحصار أمريكا



                         قالمة: 10 فيفري 2014
                 من أسباب تقدم روسيا...
        وانحصار أمريكا

       كثيرا من الملاحظين المحللين والمراقبين الدوليين ــ لاشك ــ أنهم يدركون حقا أن روسيا قبل نهاية العقد الأخير من هذا القرن، أصبحت تلعبُ دورا بارزا على الساحة الدولية، وبخاصة في الشرق الأوسط، فلم تعد روسيا تلك الدولة الضعيفة الواهنة التي تستجيب لنزوات ورغبات وطلبات الولايات المتحدة الأمريكية، وتوافق على طلباتها دون تردد، أو ممانعة، خاصة في مجلس الأمن، كما كانت من قبل. فقد حرمت روسيا نفسها، بسبب هذا الضعف والوهن، من استعمال حق النقض (الفيتو) في كثير من القضايا الحساسة والمصيرية، والتي تتعلق خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وبخاصة نحو تلك الدولة التابعة لنفوذها قديما قبل سقوط الإتحاد السفياتي مثل: العراق، وليبيا، وسوريا، وبعض أجزاء من اليمن السعيد، ونحو ذلك، بل لم تَقْوَ حتى على التنديد بعدوان أمريكا على هذه الدول الصديقة لها مثل أفغانستان أيضا، ويوغسلافيا، ونحوهما من الدول التي كانت تابعة نفوذا إلى الإتحاد السفياتي سابقا، وبقيتْ موالية معظمها ـ رغم المحن ـ إلى روسيا بعد ذلك.
      والكثير من الملاحظين والمحللين والمراقبين الدوليين ـ لا شك ـ أنّهم برّروا هذا الضعف وهذا الوهن لروسيا إلى عوامل عدة، منها خاصة انهيار الإتحاد السفياتي سابقا وما تبعه من أنهار في كل مناحي الحياة، ولم تعد قادرا على الوقوف على أرجلها من جديد إلاّ حين ارتفعتْ عائدات النفط، وتطور أسلحتها التقليدية بعض الشيء، فنهضتْ بعض الشيء من جديد، في حين تراجعتْ أمريكا بعض الشيء مع أصدقائها في هذا الشأن، ويأتي في مقدّمة هؤلاء الأصدقاء المملكة العربية المتحدة ونحو ذلك، وهاهي روسيا تتقدّم بثبات من جديد، وبتبات نحو هذه المناطق، والتي هي في الأصل مناطق نفوذ للولايات المتحدة الأمريكية.
      والحال أن المتتبع والملاحظ والمحلل لهذه الخطوات ونحوها روسيا، وانحصار الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بالخصوص، يعتقد أن روسيا، ومعها الصين، والهند، ستكون عما قريب رديفا للولايات المتحدة الأمريكية، أو على الأقل تعدد الأقطاب على الأقل!!!
      ولكن في الحقيقة أن انحصار الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بالخصوص، والعالم كله، راجع بالدرجة الأولى ــ حسب تقديري ــ إلى المال، وهو عصب الحياة، فدونه لا يستطيع أيّ دولة أن تتقدّم خطوة إلى الأمام نحو الرقي والتقدم والحضارة، فمواردها قلتْ، وحروبها كثرتْ،فكان ذلك واضحا في طوابير الفقراء الذين يبحثون عن لقمة العيش، وقوت يومهم، فتخال نفسك كأنك في دولة من الدول الأفريقية الفقيرة مثل الصومال، وهم يعدّون بالملايين، وكل واحد منهم يبحث على أمرين: العمل من جهة، والسكن العائلي من جهة أخرى، مما جعل الإدارة الأمريكية تحاول أن تحفظ هذا الوطء الشديد على شريعة واسعة من المجتمع الأمريكي، فماذا فعلتْ؟!! فبادرتْ إلى سحب قواتها العسكرية التي تستنزف الهزيمة أيّما استنزاف، فسحبتها من العراق الذي احتلته بذريعة واهية ومضللة، وقبل ذلك احتلالها لأفغانستان، وخلقتْ محتشد العار (قواتنامو)، والسّجون الثرية، فكانت أفغانستان مستنقعا حقيقيا وللولايات المتحدة الأمريكية، كيف لا؟!! وأفغانستان أصبح حقا مقبرة لكل الأمراطوريات القديمة والجديدة، ورغم ذلك لم تتعظ أمريكا بمن سبقوها إلى أفغانستان، ألم تكن هذه الأخيرة فعلا مقبرة لهذه الإمبراطوريات، ابتداءا من بريطانيا العظمى، وانتهاءا بالاتحاد السفياتي سابقا؟!! فلماذا تدخل أمريكا الإمبراطورية إلى هذا المستنقع الرهيب؟!! فقادها مجنون إلة هذا المصير البائس. وعندما يعود عصب الحياة (المال) إلى أمريكا من جديد، ستعود ـ لا محالة ـ لإلى الواجهة الدولية من جديد، وهذا الأمر آتٍ، وكل آتٍ قريب، ألم تعد الولايات المتحدة الأمريكية مصدرا للغار في العالم واو كان هذا الأمر رمزيا الآن؟!! أولا يمكن أن تكون أيضا مصدرا للبترول مثل روسيا في الأعوام القادمة؟!! هنا، وهنا فقط ستعود أمريكا إلى ما كانت عليه في العالم من جديد، وتحتل بذلك مكانتها الحقيقية إلى جانب الدول الصاعدة مثل روسي، والصين والهند، كيف لا؟  وأمريكا تملك ما تملك من مقوّمات البقاء لا الفناء، والقوة لا الضعف، والريادة لا التقهقر أكثر من غيرها من الدول الأخرى وخاصة روسيا والصين والهند!!! فهي تملك التكنولوجيا الدقيقة التي لم تره عين، ولا سمعتْ بها أذن قديما وحديثا، في الأرض وفي السماء، بالإضافة إلى قواعدها العسكرية المنتشرة في أنحاء العالم كله، وأساطيلها البحرية ونحو ذلك!!!
      ولكن الحلقة المفقودة التي لم ينتبه إليها كثير من العلماء، والملاحظين، والساسة الكبار في العالم كله هو أن روسيا قد حصلت على كنز عظيم أعظم من الغاز، والبترول، والمال، والصناعة، والفلاحة، ونحو ذلك، وهذا الكنز العظيم يتمثل في شخص (اسنودر)، فلا شك أن روسيا استفادت من معلومات خطيرة جدّا، ومؤكدة فعلا من هذا العميل، فقط عادت روسيا بقوة من ذلك الوقت إلى السياحة الدولية، وكلها ثقة بما تقوم به وتفعل، لأن أمريكا لا تفكر في المواجهة إطلاقا حتى لا تنحصر نهائيا في العالم وإلى الأبد إلا بدأن تستعيد عافيتها داخليا، لتعود إليها الحياة من جديد، فالرجل المجنون يريد أن يعيدها إلى القرون الوسطى، والرجل العاقل يريد أن يعيدها إلى مصورها الذهبية، وهذا الأمر ليس بعسير على أمريكا التي تحمل في طياتها مقومات للنهوض من جديد وفي وقت قصير جدا. فقد استغلت روسيا عن طريق (اسنودر) أسرارا خطيرة عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأسباب انحصارها، وضعفها، وضعف دورها في العالم، والهيمنة عليه، وبخاصة في الشرق الأوسط، وبعض أجزاء من آسيا، وأفريقيا، ونحو ذلك، فهذا هو سرّ إقدام روسيا بكل ثبات على مزاحمة أمريكا بعد (اسنودر)، ولأول مرّة أصبحت تستعمل، بعد غياب طويل، حق الفيتو (النقض) في مجلس الأمن إلى جانب الصين، وهذا على إطلاق العقود السابقة بعد انهيار الاتحاد السفياتي، كيف لا تستغل هذه الفرصة يا ترى؟!! وأنها عانت ما عنت من أمريكا وحلفائها الغربيين. وأمريكا تنحصر فعلا لا قولا، وأن روسيا وقفتْ على أسباب ذلك فعلا لا قولا أيضا، فالعميل (اسنودر) ــ حسب تقديري ــ هو السبب الرئيسي في عودة روسيا بهذه القوة إلى السياحة الدولية، وستعودة إلى مكانتها الحقيقية، وحجمها الطبيعي، وبعدما تغير أمريكا من إستراتجيتها من جهة، وتتقوى من الداخل من جهة أخرى (فاسندور) أصبح كنزا عظيما لروسيا، وصيدا ثمينا لها، وكيف لا؟ وروسيا تقف على أسرار أمريكا في كل مناحي الحياة، وهاهي تحاول أن تلوي ذراعها الآن ولو لفترة معينة نهاية بها، وبما فعلته فيها سابقا. وللحديث بقية.

                                                 مفتش التربية الوطنية
                                                   مومني عبد العالي