البيـــــــــــان الفصيح... في النقــــــــــــد الصريــــــــــح
قالمة في 2017/11/11
البيـــــــــــان الفصيح...
في النقــــــــــــد الصريــــــــــح
- عانى ما عانى الغرب من الكنيسة المسيحية قبل فصل الدين عن السياسة، فكم من عالم ومفكر وأديب وفيلسوف اضطهد أو قتل باسم الدين آنذاك،لأنه جاء – هذا أو ذاك –بأفكار ومعلومات تختلف كل الاختلاف عما ألفوه في كتابهم المقدس، وما ورد فيه من نصوص وأحكام لا ينبغي الزيادة عنها، ناهيك عن الخروج عليها، هذا الكتاب الذي حرّف وزوّر وبدّل بعض ما ورد فيه من نصوص وأحكام، رأى بعضهم أنها لا تخدمهم في شيء على ضوء تلك التقاليد الموروثة عن آبائهم وأجدادهم، وتلك العادات التي ألفوها منذ قرون خلت من مجيء هذا الكتاب المقدس .مع العلم أن هذا ما حصل أيضا للديانة اليهودية وأكثر !!فالدين الوحيد الذي لم يمسسه تبديل أو تزوير أو تحريف هو الدين الإسلامي الحنيف، وهو آخر الديانات السماوية، لأن الله هو الذي يحميه من كل ذلك بنص صريح فيه. ومن هنا يمكن أن نقول : دع الدين لأصحابه من ذوي الاختصاص، فالرجل لم يعد موسوعة كما كان الحال في العصر الذهبي، ودع السياسة للسياسيين الذين تمرّسوا فيها كثيرا، ودع الاقتصاد والصناعة والفلاحة لأصحابها، فهم أدرى بذلك، ودع التعليم لفطاحل العلماء،وجهابذة العلم، ليحصدوا ما زرعوا من خير ومعارف وعلوم، في هذا البلد أو ذاك، بل دع الأدب للأدباء الذين يملكون المواهب الإبداعية في هذا اللون الأدبي أو ذاك. فالحرية التي يتبجح بها صاحبنا ليست دليلا على حشر أنفه فيما لا يخصه، وخاصة في الدين الإسلامي الحنيف الذي لا يفقه فيه شيئا، وقل مثل ذلك في السياسة أو الاقتصاد أو الصناعة أو الفلاحة أو التعليم ونحو ذلك. فهناك فرق كبير وواسع بين الحرية الحقة والفوضى، لأن هناك تداخل كبير بينهما في جوانب عديدة متعددة حتى غاب عن كثير من الناس – مهما علا شأنهم- ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين الحرية الحقة والفوضى، فالحرية - مهما كانت - لها ضوابط معينة تحكمها في كل مصر من الأمصار أو شعب أو أمة، ونجد هذه الضوابط مقننة عند الغرب والعرب في إطار الدستور والمواد والقوانين والمراسيم والتعليمات والتوصيات ونحو ذلك، فالدركي الذي يمنعك أن تسلك – مثلا- طريقا معينا بغية تسهيل على المواطنين حركة المرور، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الحرية مفقودة في هذا البلد أو ذلك، والشرطي الذي يوقفك لأداء واجبه في المدينة ،والمسؤول الذي يمنعك من حفر الطريق دون ترخيص مسبق ونحو ذلك ،فهذا لا يعني أبدا أن الحرية الحقة معدومة في هذا البلد أو ذاك أيضا. أمّا الفوضى فلا ضابط لها على الإطلاق.وحديث السفينة أبلغ وأبْين وأوضح بين الحرية الحقة والفوضى. - فالغرب الذي تعرفه حق المعرفة يقدّس القوانين، ويعض عليها بالنواجد، إلى درجة العبادة، فأنت لست حرّا طليقا في الدّوس على قوانين هذا البلد الغربي أو ذاك حتى وإن لم تعجبك بعضها، أو تخالف عاداتك وتقاليدك الموروثة عن الآباء والأجداد، فالحديث – مثلا- عن ترهات الهولوكست في الغرب ،وأكاذيب معادات السامية وغيرها أمور تفضي بك إلى السجن حتما، فأنت هناك مجبر على احترام هذه القوانين الصارمة ولست حرا في تكذيبها أو التهوين من شأنها .فهل تستطيع ،وأنت في الغرب ،أن تعادي السامية، أو تشكك في قضية الهولوكست كما جاء على ألسنة اليهود أنفسهم في العصر الحديث بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية باسم الحرية الحقة؟! أتحداك وأمثالك من الكتاب والأدباء والمفكرين والفلاسفة أن يفعلوا ذلك بكل حرية - كما تزعم - دون أن يدخلوا السجن بعد عواصف من الغضب والاحتجاجات ونحو ذلك!! هذا الكلام عن أمور وضعيّة قدّسها الإنسان الغربي تقديسا،ووضعوا لها ضوابط وقوانين تحميها، وجب على كل انسان احترامها في السّر والعلانية، فما بالك بكلام الله الذي يقدّسه العامة والخاصة من النّاس ، شرقا وغربا، وأن من المقاصد الكبرى لهذا الدّين الحنيف الذي يدين به شعبك الجزائري عموما هو حفظ الدّين أولا. فالجهل-كما يقال- هو عدوّ الإنسان، فعلى الجميع أن يعرف في كل زمان ومكان أن حفظ الدين، وعدم محاربته، أو النيل منه، أو التشكيك فيه، أو بعض ما جاء فيه يعدّ حقا من المحضورات، بل قل: من المحرمات أكثر وأقوى وأجل من السامية في الغرب و الهولوكست واحترام القوانين الوضعية. أما الحديث عن الأفكار والمفاهيم والمعارف المتراكمة أو الجديدة للعلماء حول هذا الدين أو ذاك فهو مباح، فمناقشة هذا العالم أو ذاك في اجتهاده لا يعدّ هجوما على الدين الإسلامي الحنيف، أو معاداته، أو التشكيك فيه ،بل الحديث هنا يدور حول أفكار هذا العالم أو ذاك والمفاهيم والمعارف حول هذا الدين، ويمكن مناقشته في أفكاره وحتى رفضها من أساسها، فالأمر هنا لا يتعلق بالعقيدة والدين بل بالأفكار التي تدور حول هذه العقيدة وهذا الدين . مع العلم أنه لا اجتهاد في نص صريح فقط. - أما القول أن الدين الإسلامي الحنيف ملك لهذا العالم أو ذاك، أو هذه الفئة أو تلك، أو هذه الدولة أو تلك، فهذا الكلام مردود على صاحبه، فالإسلام- كما يعرف الخاص والعام-جاء للناس قاطبة، فمن قبل به، فهذا القبول لا يكون بالإكراه، بل عن قناعة تامة، ومن لا يعترف به ،فلا يحاربه على الأقل، والله غنيّي حميد عن إيمانك أو كفرك، فلا تنفعه أو تضرّه في شيء. قال صاحبنا بالحرف الواحد في هذا الشأن حسب مفهومه الخاص :(( أثير ردود فعل أولئك الذين استأثروا ببعض القضايا ،فأصبحت ملكهم وليست ملكنا جميعا، عندما تحدثه عن الإسلام يقول لك: لا هذا ملكي... )) ثم يتابع قائلا: (( من يملك عقد ملكية الإسلام فليقدمه ويعرضه عليّ، ومن يملك تفويضا من الله سبحانه وتعالى فليبيّنه، ولن أتكلم بعدها... )) وأردف قائلا: (( ومن ورث الإسلام عن أبيه وهو ملكه، فليقدّم شهادة ملكيته ... )) وأخيرا يحسم المسألة حسب رأيه بهذه الطريقة البائسة: ((إذا كان الأمر غير ذلك ، فأنا لديّ الحق أن أتكلم كما أريد في وطني، وقد مات الناس من أجل أن أكون حرّا لأقول ما أريد)). فهذا النوع من الكلام يعني أيضا في بلاغة العرب، وسنن كلامها، هو التعجيز مثلما يعرف الخاص والعام من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن الله عز وجل جاء بالشمس من المشرق، فطلب من أعداءه أو خصومه أن يأتوا هم أيضا بالشمس، ولكن من المغرب كما ورد في القرآن الكريم، سيجد صاحبنا - لا محالة – عقد الملكية لهذا الدين الحنيف عند المتحدث ، وما عليه – إن استطاع فعل ذلك – إلا الاتصال به إذا جاء بالشمس من المغرب!! وهذا وعد من المتحدث، ووعد الحر دين عليه. فنحن نعرف كيف يتلاعب بعض ضعاف النفوس، وقليل الحياء، بالكلمات والتراكيب والمعاني التي لم يألفها الإنسان من قبل، فهل فعلا هناك من له الحق أن يمنح عقد الملكية للإسلام؟! ما هذا الهراء؟! وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بدين سماوي لا بكلام بشر، فالأول مقدس عند الناس المؤمنين به ،والثاني غير مقدس وإن كان بعضهم يؤمن به دون تقديس ،فلماذا يتحدث صاحبنا عن شيء لا يوجد أصلا في الإسلام، وهو عقد ملكيته، ولا يتحدث عن صك الغفران في الديانات الأخرى ؟! وهو يعرف حق المعرفة أن الدين السماوي الوحيد الذي لا توجد وساطة بين الإنسان وربّه هو الدّين الإسلامي الحنيف، فَلِمَ لا يهاجم الوساطة الموجودة في الديانات الأخرى غير الإسلام؟! وهو في الوقت نفسه يعرف حق المعرفة بأنها افتراءات على الله، وترهات على الناس قاطبة!! فالشهرة لا تكون بالتّهور، أو الاندفاع ،أو كما يقال : خالف تعرف، ذلك أن بعض الناس في الغرب عاشوا عيشة راضية، وحياة كما أرادوها هم، شرّا وخيرا ،لا كما أرادها الناس والمجتمع ،ففعلوا كل شيء: في الخير والشّر ،في السّر والعلانية، في السرّ ما هو محضور قانونا عندهم، وفي العلانية ما هو مباح ومسموح به لديهم حتى سئموا هذا النوع من الحياة غير المتجددة في نظرهم، فماذا يفعل بعد ذلك يا ترى؟! يقوم الشخص بعمل متهور، وفعل ممنوع عندهم ،فيقتل أشخاصا أبرياء دون وجه حق في ملهى أو سوق أو مطعم أو في الشارع ونحو ذلك، أو قيادة السيارة بطريقة جنونية، فيصدم هذا، و يقتل ذاك، والشرطة أو الدرك تجري وراءه للقبض عليه ومنعه من فعلته. لماذا يفعل كل هذا وأكثر، وقد يؤدي به حتما ، في كثير من الأحيان، إلى الموت المحقق، أو الانتحار المحتوم؟! نقول: يفعل ذلك من أجل أن يكسّر هذا النمط الثابت في الحياة عندهم، فتتحدث عنه قنوات الإعلام من إذاعات وصحف وشاشات، فيتصدر لأول مرة النشرات الإعلامية، فيجد الرجل قبل موته أو مصرعه راحة ما بعدها راحة ،كما يسمع هذه الأخبار التي تدور حوله، ويشاهد صورته في هذه القنوات أو الصحف إذا شاء الله أن يبقيه على قيد الحياة قبل موته أو مصرعه!!! - مسألة أخرى فيها نظر، فحين قال عن تحرير فلسطين، وهي من المواضيع التي يثيرها حسب زعمه، بالحرف الواحد: ((حتى نحرر فلسطين علينا أن نبني دولة، أن نحرر أنفسنا أولا ، وعقولنا خاصة، ونبني اقتصادات قوية، وبعد ذلك يمكن الحديث عن فلسطين...)) ثم يسخر من هؤلاء وهؤلاء من دعاة تحرير فلسطين الآن: ((من أراد تحرير فلسطين بــــــــ ((البصل)) الله يعاونه)) . فهذا الأمر يفوق الخيال والوهم الذي يعيشه الرجل والعجب مما زعم. ياإلهي!!لو لم يكن هذا الرجل جزائريا لقلت: أنه لا يعرف تاريخ هذه الأمة الجزائرية العظيمة، وتاريخها المجيد، وثورتها المظفرة، كيف لا؟! والرجل يعرف حق المعرفة كيف اندلعت ثورة التحرير المجيدة، والوسائل التي تحوزها، والامكانات التي عندها، لو انتظر الشعب الجزائري حتى تتحقق تلك الشروط المزعومة لبقيت الجزائر الأبية محتلة إلى يومنا هذا، ولا أحد يستطيع حتما في البداية، وقبل اندلاع أي ثورة تحريرية من الاحتلال، أن يوفر لها كل هذه الشروط حتى تنجح، فمن أين استقى الرجل هذه المعلومات؟! ومن أين اقتبسها؟! أم أنها من بنات أفكاره؟! فالذي يسعى إلى تحرير أرضه المحتلة بهذه الطريقة هو في الحقيقة يعرقل أي ثورة تحررية في العالم ،بل ويقبرها في مهدها لسبب في نفس يعقوب، والتي تهدف أساسا إلى التحرر والانعتاق من نير الاحتلال و ربقته، فما عليه إلا أن يضع لها هذه الشروط وأمثالها. وثورة التحرير المجيدة في جزائر المليون ونصف المليون شهيد أكبر دليل على ما أقول!! ما أعجب أن يتكلم الرجل عن تحرير أرض فلسطين بهذه الطريقة البائسة، وهو جزائري، وأغرب أن يصدر هذا الكلام من مثقف وهو جزائري أيضا!! فلو كان عربيا، غير جزائري، لعذرته عن ذلك، لأنه يجهل ثورتنا العظيمة، وكيف اندلعت وانتصرت!! وأن هذه الثورة العظيمة تعدّ بحق أكبر وأعظم وأجل ثورة في القرن العشرين، وتأتي بعدها ثورة الفيتنام!! فالأدب أيضا لا يقرأ بهذه الطريقة ،كما أن الرواية، وخاصة التاريخية منها ،لا تقرأ بهذه الطريقة أيضا، والأحكام بهذه الطريقة تعد نقدا هدّاما لا بنّاءا، ودفع الناس إلى أن يتقاسموا معك العيش في مثل هذا الخيال والوهم يعدّ خيانة للوطن، وطعنة نجلاء في ظهره، وشوكة مؤلمة في خاصرته، لأنك قرأت تاريخ الأمة الجزائرية العظيمة ،خاصة أثناء ثورة التحرير المجيدة، من خلال الثورة الفلسطينية التي تكالب عليها الآن الصديق قبل العدو ، والقريب قبل البعيد، والمسلم قبل الملحد، والعربي قبل العجمي، وهلمّ جرّا، فنكبة فلسطين أصبحت نكبات، ونكستها نكسات من قادتها أولاً والذين يقيمون علاقات ممتازة مع اسرائيل ومتميزة،ويطلبون في الوقت نفسه من الآخرين، وخاصة من العرب والمسلمين وأنصار هذه القضية العادلة، أن يقاطعوا الكيان الصهيوني إسرائيل حتى إيجاد حل للقضية الفلسطينية، ومن جيرانها من العرب أيضا، خاصة الذين يقيمون مع الكيان الصهيوني إسرائيل معاهدات سلام، وعلاقات ديبلوماسية، وبذلك خسرت الكثير من البلدان التي كانت تقاطع إسرائيل قبل أن تعترف بها القيادة الفلسطينية، حيث كان الصراع عربيا اسرائيليا، ثمّ تحوّل إلى دول الطوق مع الصهاينة، وأخيرا صار فلسطينيا فلسطينيا، كما أنّها رُتِّبَتْ الأولويات بالمقلوب عكس ثورة الجزائر التحريرية المجيدة،إلخ..إلخ..إلخ. - مسألة أخرى أيضا فيها نظر، ذلك حين سألته الصحفية تراه يعرف السؤال جيّدا، لكنه يتهرب من الإجابة عليه بطريقة توحي للقارئ بأنه ساذج لم يع السؤال جيّدا، فحين يسأل:(( أليس حين نقرأه- تعني إصداره الأخير الموسوم :بــــ (( مزامير داوود )) نستشف أن كاتبه يؤمن بالبعث مرة أخرى؟ )) فكيف كان جواب الرجل يا ترى حول المؤلَّف والمؤلِّف بالترتيب كما ورد في السؤال؟!كان جوابه بالحرف الواحـــــــد : (( تقـــــــصدين هو..شخصية الرواية...)) وهـــــذا غير صحيح على الإطلاق ،وعلى كل من يعرف أسرار اللغة العربية وضوابطها، وسنن العرب في كلامها، ورتبة الضمير، تجد – لا محالة- أنه يجيب بالطريقة التي تحلو له، و التي تخدم فكره فقط، والصحفية التي كانت تحاوره لم تقصد ذلك على الإطلاق. عُدْ إلى ((رسالة الغفران)) لأبي العلاء المعري ستجدُ ـــــــ لا محالة ــــــ الجواب الشافي الوافي الكافي حول مسألة البعث!!! - مسألة أخرى كذلك فيها نظر وتتجلى في بحث الكاتب عن الشهرة بالخصوص، فأجاب بالحرف الواحد قائلا : (( لو أردت أن أقوم بما يجعلني معروفا ،ويتبعني الناس، الأمر بسيط جدّا: أطلق لحيتي ،وأبدأ في الإفتاء ، سأكون معروفا جدّا حتى أنهم سيعطونني على ذلك أجرا...)) ثم أردف قائلا: (( أنا لا أفعل هذا، بل العكس أنا أكتب.. ألامس القضايا التي تهمني أنا أولا ... )) ثم راح يتحدث عن بعض خصوصيته قائلا: (( وأعتقد أن حياتي لوحدي.. ليست ملكا لشخص آخر، وربي ليس رب أحد دون آخر، والقرآن والإسلام ليسا ملكية لأي أحد...)) فالرجل وقع في تناقض كبير ملحوظ،ولم ينتبه له حين قال في الأول: (( عندما تحدثه عن الاسلام يقول لك:لا هذا ملكي ... )) وقال في الثاني وهو لا يعرف: (( اللغة الفرنسية ملكي ... )) وذلك حين سئل عن بعض التّهم التي توجه إليه مثل قضية (( الفرانكفونية )) التي تدعمه - كما قالوا- ويفرض وجوده في الساحة الأدبية عن طريق قنوات غربية، والدعم المادي ونحو ذلك، وذلك لتطاوله على الإسلام، وتصفيته للقضية الفلسطينية فكريّا وثقافيّا وحضاريّا وتاريخيّا- وهذا ما فعله قبله حول الإسلام (( سلمان رشدي )) الذي لا يعرفه أحد حتى ظهر كتابه (( آيات شيطانية )) فذاع صيته عند الغرب والعرب على حد سواء، وطارت شهرته ،وأصبح منبوذا عند كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. أتحدّاك وأمثالك أن تفعل ماقلت صراحة في استجوابك من ارخاء اللّحية، والافتاء على الناس في الدين الإسلامي الحنيف حتى تكون معروفا، ويتبعك الناس، وتأخذ أجرا عن ذلك،لأن الأمر- كما تزعم - بسيط جدا !! - ومن أخطاء الرجل الهيّنة قوله: (( جزائريّ أو مغاربيّ أو فرنسيّ ...)) والصحيح ((مغربي)) وليس مغاربيّ على وزن جزائري.نقول: الجزائر والمغرب. وقوله أيضا حول عنوان إصداره الأخير هذه السّنة: (( وهو مستقى (أي عنوان الكتاب) من المثل الشعبي المغاربي : ((لمن تقرأ زابورك يا داود )) . والصحيح هو مثل عربي أصيل وليس شعبيّا شأنه شأن الأمثال العربية الأخرى كقولك:(( يداك أوكتا وفوك نفخ )) و (( جزاء سنّمار )) و (( لمن تقرأ زابورك يا داود )) ونحو ذلك. وقولك : (( ومن حقي أن أفكر في هذه القضايا: الدين فلسطين، المرأة، الجنس، الموت، والجسد.... )) والصحيح أن الفاصلة في اللغة العربية لا تقوم مقام حرف (( الواو )) مثل اللغة الفرنسية. فآخر كلمة تكون فقط بــ (( الواو )) فتنسحب هذه (( الواو )) على البقية ، فالترجمة تكون للعبارة كالآتي: , Palestine,J’ai le droit de réfléchir sur ces affaires: La religion ... Et le corp ,La mort ,le sexe,La femme
- هذه الفاصلة بين تلك الكلمات والتي تنتهي بحرف((الواو)) et le corp (والجسد) في الكلمة الأخيرة ليست من خصائص اللغة العربية في شيء، فلو تصفحت أشعار العرب، خاصة في العصر الجاهلي، ودرست أساليب القرآن الكريم، وتراكيبه، وخصائصه اللغوية، واطلعت على كتابات فطاحل الأدباء العرب، وفحول الشعراء لما وجدت اسقاطات خصائص اللغة الفرنسية على اللغة العربية بهذه الطريقة البائسة المشينة، فهذه اللغة استوعبت علوم اليونان وفلسفته دون عناء، والهند، والفرس، والروم، ولم تتأثر حينها بهذه التراكيب اللغوية الغريبة عن لغة الضّاد. ـــــــ وقال الرجل بالحرف الواحد أيضا: (( لا ، بـــــــــدون تعليق )) والصحيح ((دون تعليق )) أو (( من دون تعليق)) فحرف (( الباء)) لاتدخل على كلمة ((دون ))في اللغة العربية إلا حرف(( من )) فقط، وهو خطأ شائع، مثلما قالت العرب في التمييز المجرور: اشتريت رطل لحم، أو رطلا من اللحم. - ومن أخطاء الرجل الهينة كذلك حول عنوان كتابه (مزامير داوود) والصحيح (داود) فالواو الثانية تحذف رغم أنّها بالمد، لأنّها من الحروف التي تلفظ في اللغة العربية ولا تكتب، مثل قولك : (هذا) و (أولئك) و (الرحمن) و (الله) ونحو ذلك. تقول العرب عند التمثيل دائما في قواعد اللغة العربية حتى درجوا على ذلك: (ضرب زيد عمروا) ولم تقل يوما قط: (ضرب عمرو زيدا) هذا الأمر استرعى انتباه أحد الأذكياء النبغاء الذين يتسمون بسرعة البديهة فقال: (لماذا لم تقل العرب يوما:(ضرب عمرو زيدا) و تقول فقط: (ضرب زيد عمروا) فيقع فعل الضرب دائما على (عمرو) دون (زيد) و لو مرة واحدة فقط،فأجابه الرجل بسرعة البرق فقال:(لأنه سرق (واو) داود)، وهذا لترسيخ كتابة اسم (داود) عند الناشئة بهذه الطريقة الرائعة.لعل صاحبنا وأمثاله نسوا هذه القصة الطريفة في النحو العربي، بل قل لو كانوا جميعا يعرفونها حق المعرفة لما كتبوا اسم (داود) بالواو الثانية،بل ولكتبوا على منوال ذلك (هذا) بالألف أيضاً هكذا (هاذا)، وكذلك (لكن)، و(أولئك)، و(الرحمن)، و(الله) بالألف أيضا، ونحو ذلك. ــــــ و مجمل القول في هذا الشأن: أن هناك حروفا تلفظ في اللغة العربية ولا تكتب مثلما سلف ذكره. و هناك حروف تكتب ولا تلفظ مثل << ال >> التعريف في الحروف الشمسية - مثلا - كقولك (الشمس) و (الرجل)، وكذلك << الألف >> في الحروف القمرية كقولك (القمر) و (المرأة) وبعض الأسماء مثل (ابن) و (امرؤ) و (امرأة) وهمزة الوصل مثل (استبحر) و (استخرج) و(استحسن) و نحو ذلك. - ومن المحاسن الجليلة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النّهار قوله الذي لا مراء فيه في تعلم اللغات الأجنبية : (( ... اللغات مثل النوافذ بقدر ما يكون لديك نوافذ في البيت بقدر ما يكون مضيئا و مهتويا ... )) بشرط أن لا نتعلم لغة واحدة – مثل أشباه المتعلمين – وهي اللغة الفرنسية فقط، ونتكلم بها ، ونعمل ونؤلّف ونخاطب الشعب والجمهور من إطارات الأمة بهذه اللغة فقط، فهذا يعّد استلابا ثقافيا وحضاريا رهيبا، لماذا؟ لأنها من مخلفات الاحتلال الفرنسي في الجزائر من حيث اللسان والثقافة والكتابة ونحو ذلك. أما إذا كان الجزائري الأصيل الذي يمقت الاحتلال الفرنسي للجزائر- فلا شك- أنه يتعلم ويتكلم بطلاقة لغات أخرى مثل الإنجليزية التي هي لغة عالمية واللغة الألمانية و الروسية والصينيةو الإيطاليةوالإسبانية و الفارسية بالإضافة إلى الفرنسية ونحو ذلك من اللغات التي استوعب بعضها العلوم العصرية والتكنولوجية والاقتصاد والفلاحة والصناعة ونحو ذلك. فهل وجدتم فرنسيّا - مثلا - يخاطب النّاس باللغة الألمانية، لأنها تعرضت لاحتلالها دون أن ينتفض واحد حول هذه الظاهرة الخطيرة؟ ومن لم يحسن غير اللغة الفرنسية زعم أنها غنيمة حربية في الجزائر. لِمَ هذه الظاهرة تخصّ الجزائر فقط دون غيرها من الشعوب والأمم الأخرى التي عرفت هي الأخرى الاحتلال الأجنبي وخاصة الفرنسي منه؟!! هذا تبرير واضح جليّ بغية الإبقاء على لغة الاحتلال في الجزائر الأبيّة، وعجز دعاة هذه القضيّة تعلّم اللغة الوطنيّة الرسميّة للبلاد كما ورد في بيان أول نوفمبر العظيم ، وأمانة الشهداء، وعهد المجاهدين، والدستور الوطني ونحو ذلك ناهيك عن تعلم اللغات الحية العالمية الأخرى غير الفرنسية التي تحسن الكلام بها بطلاقة حتى عاملة النظافة ، والخادمة الجزائرية، عند الفرنسيين أثناء الإحتلال!! - ومن الحسنات الجليلة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أيضا قوله الذي لا مراء فيه: (( ولأنها حياتي، فلا أحد يأخذ مكاني حين أموت... )) قال تعالى في هذا الشأن:( من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وما ربك بظلّام للعبيد) . وقال أيضا:( كلّ نفس بما كسبت رهينة) . فالرجل في المجمل له من الحسنات التي – ربما تجعله في آخر المطاف- من الجزائريين الأحرار، والكتّاب الأخيار، وذلك حين قال: (( من حقي أن أفكر في هذه القضايا: الدين، فلسطين، المرأة، الجنس، الموت، والجسد....)) فكيف سيحدثنا يا ترى عن قضية المرأة والجسد والجنس؟!!. - فويل لأمة تتحرر من ربقة الاحتلال وتجد فيها من يقدس لغته وثقافته وتاريخه باسم المؤامرة حينا، وتعلم اللغات الأجنية حينا آخر، وينبهر بقمامات المستعمِر - أكرمكم الله - ولا يتفاخر بقامات شهدائه الأبرار، ومجاهديه الأخيار، إنه الاستلاب الثقافي الرّهيب الذي نجده عند الجزائري الفرنكوفوني وخاصة الذي لا يحفظ القرآن الكريم، ويجهل اللغة العربية وأسرارها، تراه يتحدث بالعاميّة ويعتقد أنها عربيّة،وعاميّة الجزائري قبل الاستقلال أحسن وأفضل وأجمل من عاميّته بعد الاستقلال، لأنّها أصبحت هجينة. هل وجدتم في أمة على وجه البسيطة تعليمها باللغة العربية، ومن يشرف على التعليم في الغالب لا يحسنها على الإطلاق ولا يعرف كنهها وأسرارها، ولم يطلع يوما على معجم عربي يعتد به مثل<< لسان العرب>>،ناهيك عن (العين) و (الصحاح) و (المحيط)؟!، وهل وجدتم فرنسي الذي يقدسه هؤلاء مسؤولا على قطاع التعليم بجميع أطواره، وهو لا يحسن إلا اللّغة الألمانيّة والعاميّة الفرنسيّة؟! فهل يقبل الشعب الجزائري كالفرنسي بهذا المسؤول أو ذاك على قطاع هام واستراتيجي وهو قطاع التربية والتعليم، ويكون بذلك قدوة للأجيال الجزائرية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا وهو لا يحسن غير لغة المحتلّ، ولايفقه غيرها إلا العاميّة الهجينة؟! فأين نحن من بيان أول نوفمبر الذي استجاب له الشعب الجزائري في هذا الشأن حول اللغة العربيّة؟! وأين عهد الشهداء؟!فالأمانة في أعناقنا جميعا، ووجب الحفاظ عليها، ومن خانها أو جهلها فلا يستحق الاستوزار في هذ القطاع أو ذاك أو في أي مسؤولية أخرى!!أليس هذا هو الإتجاه العام لتصفية القضية الفلسطينية، والإعتراف بالكيان الصهيوني، عربيا وإسلاميا بعد اجتماعهم الأخير مع الرئيس الأمريكي الجديد؟!! ألم تعلن إسرائل في وضح النهار وفوق الطاولة، لا تحتها هذه المرة ،أن كثيرا من دول عربية تسمى (دول الإعتدال) تقيم الآن علاقات ممتازة ومتميزة وهامة جدا معها؟!! ألم يلاحظ القارىء أن الإتجاه العام لصاحبنا أيضا يتسق تماما مع توجه الكيان الصهيوني، وينسجم مع توجهاته، ويتفاعل معه أيضا في سياسته الجديدة تجاه الشرق الأوسط الجديد، وخاصة مايتعلق بالقضية الفلسطينية؟!! ألم يصبح بعض الأدباء و الكتاب العرب عالة على القضية الفلسطينية؟!! يريدون قبرها مثلما فعل أسلافهم مع الأندلس!!فالتاريخ يعيد نفسه بأشكال مختلفة إلى حد ما بحسب الزمان والمكان فالأندلس ضاعت من بين أيدينا بسبب صراع الطوائف و عن طريق العمالة والخيانة والمؤامرة بعضهم لبعض ونحو ذلك، أليس هذا مايحدث فعلا وقولا للقضية الفلسطينية الآن؟!! وكل أمة حرة تقف إلى جانب القضية الفلسطينية الآن أيضا تتهم بالإرهاب أو الخيانة أو المؤامرة أو المعادات ونحو ذلك!!!. - ومن هنا يمكن القول: إن انتشار الفرنسية على ألسنة الجزائريين بعد الاستقلال أكثر بكثير من انتشارها قبل ثورة التحرير المجيدة رغم مكوث فرنسا واحتلالها للجزائر قرنا وربع قرن. فهؤلاء جميعا قد تفرنسوا، وهم بذلك خطر على مقومات الأمة الجزائرية، وبيان أول نوفمبر، وعهد الشهداء، ومستقبل البلاد والعباد!!!فقلت لأمي، وهي على مشارف العقد الثامن من عمرها بعد الاستقلال: ((فماذا يقول هذا المسؤول الجزائري لك ولنا جميعا؟!!) وهو يتحدث باللغة الفرنسية، فأجابت بهدوء تام:((هذا رومي صغير نسته فرنسا في الجزائر أو تناسته، ولم ترحّله معها بعد الاستقلال!!!)) فالأمة تفتخر بمقوّماتها، وخاصة لسانها، وبعضهم في الجزائر يفتخر بمقومات فرنسا العجوز وقماماتها - أكرمكم الله - داخل الجزائر وخارجها، إنه الاستلاب الثقافي والفكري و اللغوي و التاريخي و الحضاري لهؤلاء الذين لا يحسنون إلا اللّسان الفرنسي في الجزائر وخارجها، ويعتبرون الفرنسية ملكهم الخاص حسب ماورد على لسان صاحبنا، ولا يفقهون اللغة العربية في شيء، أما العاميّة فيتأتؤون فيها ويتلعثمون حين يتحدثون مع الشعب الجزائري ويخاطبونه، فجدّتي أفصح من كبيرهم إلى يومنا هذا!!!. - وعندما سئل في الأخير عن قضية الأديب والكاتب الجزائري الكبير (( رشيد بوجدرة )) أجاب أيضا بحرية مطلقة لا فوضى فيها بالحرف الواحد: (( لا، بدون تعليق )) وعليه ، فالمتحدث هو الآخر له الحق أن يتوقف عن الكلام دون تعليق أيضا حول هذا الروائي الجديد الذي لا يفقه في الدّين الإسلامي الحنيف في شيء، وهو يتحدث عنه إن أصبح صباحا أو أمسى مساءا، رغم أنه ليس من اختصاصه، ولا يعرف كنه الثورات في شيء في الوقت نفسه و أسرارها، وهالة العظمة فيها، وكيف تحول الانكسارات إلى انتصارات في كلّ حين كالثورة الجزائرية العظيمة، فالرجل ينطبق عليه – لا محالة – المثل العربي الأصيل وليس الشعبي الذي يقول: (( أحشفا وسوء كيلة)) والحديث قياس.
عبد العالـي مومنــي مفتش التربية الوطنية محال على التقاعد
أ ـــــ القرآن الكريم: ــــــ ــــــ سورة فصّلت، الآية 46. ــــــ سورة المدثر ، الآية38. ب ـــــ المصدر: ــــــ (جريدة الخبر ). ـــــ ص 24 بتاريخ: ـــــ 05/11/2017