مواهب وابداعات للأستاذ: مومني عبد العالي

مرحبا بجميع القراء الأوفياء

السبت، 26 يونيو 2010

بيــــن لغـــــة فولتيــــر .... ولغـــة لاكوســـت في الجـــزائر


اللغة وعاء الفكر، ولسان الأمة، ومقوم من مقومات الشخصية الوطنية، ووسيلة من وسائل الاتصال والتخاطب بين الأفراد والشعوب والأمم، وهي التي تعبر عن كيان الأمة ووجودها، وتدون علومها ومعارفها المختلفة منذ أن عرفتها البشرية إلى يومنا هذا، لهذه الأسباب ولغيرها نجد الأمة تحافظ عليها طوعا لا كرها، وتعض عليها بالنواجد ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، من الضعف والتخلف والانحطاط، وترعاها رعاية خاصة، لأن هذا الأمر يعني - لا محالة - تقدم هذه الأمة أو تخلفها في جميع مناحي الحياة، لذلك تراها في كل حين تسعى جاهدة لتجعل من لغتها لغة العلم والحضارة والتقدم والازدهار، تعادي من يعاديها، وتحارب من يحاربها، وتنبذ من ينبذها، فتحيطها بسياج من المعرفة والإبداع، والابتكار والتأليف، والتدوين والترجمة، حتى تواكب العصر في علومه المختلفة، وإنجازاته المتعددة بكل أشكالها وألوانها، وتنوعها واختصاصاتها، فهي بذلك تعبر تعبيرا صادقا وأمينا عن كيان الأمة ووجودها، ومقوم عظيم من مقوماتها، فهي كائن حي تتقدم بتقدم الأمة، وتتخلف بتخلفها، وتلبي حاجات الناس، إذ يقول ابن جني في تعريفه لها: (( أما حدها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم )).(1).


تعاقبت أمم وشعوب على المغرب العربي قديما بما في ذلك الجزائر، ورغم هذا التسلط والقهر والهوان من الفينقيين،والرومان، والوندال، إلا أن كيان الأمة ظل قائما رغم صروف الدهر وشوائبه المختلفة، فلم يحيد هذا الشعب الأبي عن لسانه وكيانه قيد أنملة عبر هذه الفترة، إن طالت أو قصرت، ولم يقبل بهذه اللغة أو تلك بديلا عن لغته، ومرد ذلك أنها لغة دخيلة عليه وعلى كيانه ووجدانه ووجوده، فهي لا تنسجم معه ومع مقوماته بأي حال من الأحوال لذلك لفظها في حينها، ولم يقبل بها في أي فترة من فترات تاريخه الطويل، وحين جاءت الفتوحات الإسلامية، ووصلت المغرب العربي، باليسر حينا، وبالعسر أحيانا، وحين شاء الله لهذا الشعب الأبي أن يعتنق هذا الدين الجديد، وعرف حق المعرفة أنه دين الحق، فلم يتردد أبدا في اعتناقه عن طواعية، وأدرك - مما لا يدع مجالا للشك - أن هذا الدين هو دين الفطرة، فأحاطه بكل رعاية وتقدير واحترام، فقد خلصه، وخلص البشرية جمعاء، من الاستبداد والظلم، والعبودية، وأن الناس جميعا أصبحوا بذلك سواسية كأسنان المشط، فلا فرق بين عربي وعجمي، أو أبيض وأسود، إلا بالتقوى، وهو العمل الصالح. وكان هذا الدين بلغة العرب، فكان لزاما على هذا الشعب الأصيل أن لا يرفض هذه اللغة لأنها تختلف كل الاختلاف عن اللغات التي تعاقبت عليه، لماذا؟ لأنها ببساطة لغة القرآن الكريم، فحتى يكون الجزائري المسلم قريبا من ربه في عباداته، وأخلاقه، ومعاملاته ونحو ذلك، فلا مناص من تعلم هذه اللغة، فكان له ما أراد، ومن يزعم غير هذا فهو مخطئ، وعليه أن يثبت عكس هذا.

وهكذا ظل الشعب الجزائري يتكلم بهذه اللغة ويستعملها في حياته وأعماله وعلومه وفنونه من ذلك الوقت إلى يومنا هذا، شأنه في ذلك شأن الشعوب العربية الأخرى مثل الشعب المصري، و التونسي، و المغربي، والليبي، والموريتاني وهلم جرا.


والنقطة الفارقة في تاريخ الشعب الجزائري أن هذا الشعب تعرض للاحتلال الفرنسي أكثر من قرن وربع قرن من الزمن، ففي هذه الفترة العصيبة من تاريخ الأمة، حاولت فرنسا جاهدا، أن تطمس كيان هذا الشعب ومقوماته، أكثر من جيرانه، إذ حاولت أن تجعل منه جزءا منها، وأن يكون تابعا لها فكريا وثقافيا وحضاريا، فمنذ أن وطأت أقدامها أرض الجزائر وهي تحاول تحقيق هذه الأهداف ونحوها، فاتبعت في ذلك سياسات مريبة وهمجية،فحاولت القضاء على الشعب الجزائري، فلم تفلح في ذلك على الإطلاق، فسعت بكل جهد إدماجه بشعب فرنسا، ثقافة وفكرا ووجدانا، فكان سعيها هذا كمن يسعى إلى استعادة شبابه الضائع، فرد عليها العلامة ابن باديس قائلا:



شعب الجزائر مسلــم

وإلى العروبـــة ينتسبْ
من قال حاد عن أصله

أو قال مات فقد كـــذبْ
أو رام إدماجـــــا لـــه

رام المحال من الطلـبْ


ثم يلتفت إلى الشباب الجزائري الذي يرى فيه بريق الأمل في التحرر والإنعتاق، فيرسم له طريق الخلاص من ربقة الاستعمار قائلا:


يا نشء أنت رجاؤنا

وبك الصبـاح قــــد اقتــرب
خذ للحياة سلاحهــا

وخض الخطوب ولا تهـــب
واقلع جذور الخائنين

فمنهـــــــم كــــــل العطـــب


ومازالت صيحته ترن في آذاننا إلى يومنا هذا، أليس هو القائل:


فإذا هلكت فصيحتي لتحيا الجزائر والعرب


وبعد هذه المحاولات الفاشلة التي قامت بها فرنسا اتجاه الشعب الجزائري الأبي، أصدرت قانونا جائرا مشؤوما ظالما، استفزت من خلاله مشاعر الجزائريين جميعا، هذا القانون الذي صدر في الثامن مارس من سنة ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين، وهو قانون يهدف في الأساس إلى غلق جميع المدارس الحرة في الجزائر،والتي انشأتها الجمعيات مثل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والتي تدرس باللغة العربية،فأرادت فرنسا الإستعمارية أن تحقق أهدافها من خلال القضاء على أهم مقوم من مقومات الشخصية الوطنية،ألا وهي اللغة العربية، فلا يمكن فتح مدرسة من هذه المدارس في ربوع الوطن، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا إلا إذا كان هذا المعلم أو ذاك لهذه المدرسة أو تلك مواليا للإدارة الفرنسية،ومعنى هذا أن جميع المدارس ستبقى في معظمها مغلقة لأن الأغلبية الساحقة - إن لم نقل جل المعلمين وطنيين أصلاء - ليسوا موالين لفرنسا وإدارتها الإستعمارية.ففرنسا تعرف حق المعرفة أن اللغة هي من أهم وأعظم،وأجل مقوم من مقومات الشخصية الوطنية في الجزائر، فهي روحها وكيانها ووجودها، لذلك راح العلامة ابن باديس يقول عن هذا القانون الشؤوم على الشعب الجزائري بأسره: (( ها هو ذا العزيز المفدى قد كشف في محاربته القناع،وأحيط به من كل جانب،ودبرت له المكائد، ثم رمي بقانون الثامن مارس الشؤوم،ذالكم القانون الذي شاهدتم أثره في المدارس والمكاتب المغلقة،وأفواج الصبيان والصبيات المشردة، وفي وقفات المحاكم التي وقفتموها، والمغارم التي دفعتموها، والسجون التي دخلتموها، أشهد أنه لم ترم الجزائر المسلمة بمثل هذا السهم على كثرة الرمي،وتفنن الرماة. فقد كان كل ما أصابها هو في بدنها، وفي غير معقد البقاء منها، أما هذا السهم فهو في روحها،في صميم فؤادها في مصدر حياتها)).(2).


ويخلص العلامة ابن باديس بعد هذا البيان و التوضيح لما يهدف إليه هذا القانون الجائر قائلا: (حسبي وحسبكم شعلة الإيمان المقدسة التي تنير بصائرنا، فنسير بها وراء حقنا في صراط مستقيم فإن تولوا فقل: حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم).(3).


فالشعب الجزائري ليس شعبا غربيا، ولا ينبغي أن يكون كذلك، وهو لا ينتسب إلى فرنسا، لأنه عربي في الصميم، وهو بذلك ليس مسيحيا، ولا ينبغي أن يكون كذلك أيضا، لأنه شعب مسلم في الوجود!!.


إن ما يميز الشعب الجزائري عن فرنسا هو اللسان والدين معا، ولا يمكن الفصل بينهما، ناهيك عن التاريخ والحضارة والجغرافيا، فليس هناك حدود برية بين الجزائر وفرنسا حتى يكون هناك تواصل بين الشعبين، فهي في قارة ونحن في قارة أخرى، وبيننا وبينها بحر كامل يفصل بين الشعبين، بل قل: بحرا من الدماء!! فرفض بذلك الشعب الجزائر الأبي كل سياسات فرنسا في الجزائر، ولم يقبل في يوم من الأيام بهذه السياسة أو تلك، ما عدا فكرة واحدة قبلت بها الجزائر تتمثل أساسا في وعود فرنسا الكاذبة، مفادها أن يتجند أفراد من الشعب الجزائري، من شبابها المغوار، مع فرنسا لمحاربة النازية التي احتلت بدورها فرنسا. إنها والله لمعادلة شاذة وغريبة: فرنسا تحتل الجزائر، وألمانيا تحتل فرنسا!!.

وهذا مقابل منح الشعب الجزائري الحرية والاستقلال، هذا وعد فرنسا للجزائر، وبعد انتصار الحلفاء على النازية، وأثناء احتفالهم بهذا النصر العظيم ،خرج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية في الشوارع مطالبا ومذكرا فرنسا بتحقيق وعودها في الحرية والإنعتاق، وخاصة للشعب الجزائري الذي وعدته بذلك فلم تتردد فرنسا في الاستجابة لهذا الشعب الأبي بالنار والقتل والدمار، في أنحاء كثيرة من الوطن، وخاصة في مدن قالمة وسطيف و خراطة راح ضحيتها أكثر من خمسة وأربعين ألف شهيد، منهم من ردمتهم فرنسا وطمرتهم ووأدتهم أحياء، قال البشير الإبراهيمي في ذلك الوقت عن هذا اليوم الرهيب في تاريخ الشعب الجزائري في مقال طويل له: ((لك الويل،أيها الاستعمار، أهذا جزاء من استنجدته في ساعة العسر فأنجدك؟ أيشرفك أن ينقلب الجزائري في ميدان القتال إلى أهله بعد أن شاركك في النصر لا في الغنيمة، فيجد الأب قتيلا والأمم مجنونة من الفزع، والدار مهدومة أو محروقة، والصغار هائمين في العراء...)).(4).


وعبر محمد العيد آل خليفة عن هذه المأساة قائلا:


فضائع(ماي)كذبت كل مزعـــم

لهم ورمت ما روجوه بإفلاس
ديار من السكــان تخلى نكابــــة

وعسفـا،وأحياء تساق لأرماس
وشيب وشبان يسامـــون ذلــــــة

بأنواع مكر لا تحد بمقيــاس
وغيد من البيض الحسان أوانس

تهان على أيدي أراذل أنكاس(5)


استقلت الجزائر بعد كفاح مرير، ونضال طويل، وجهاد كبير، ضد فرنسا العجوز كما قال مفدي زكرياء عنها،فدفعت ثمنا باهضا،يقدر بأكثر من مليون ونصف مليون شهيد قربانا للحرية والإستقلال، فاستقلت سياسيا، ثم اقتصاديا، غير أن اللسان العربي ظل يراوح مكانه بين الرفض والقبول، بين السخط والرضا، بين التفاؤل والتشاؤم، وهذا الأمــر يعــرف

عند الساسة (بمخلفات الاستعمار)، فجاء التعريب ليضع حدا لهذا الجدل العقيم الذي لا طائل من ورائه، فأصبح الكبير والصغير يتكلم ويتعلم باللغة العربية في الغالب، ولا يجد في ذلك صعوبة تذكر على الإطلاق. ومن العجب أن تجد في الجزائر بعد هذه المدة من الاستقلال من ظل يتمسك باللغة الفرنسية تحت ذراع شتى، ومبررات واهية لا غنى لذكرها في هذا المقام.
ومن هنا يمكن أن نطرح سؤالا أساسيا جوهريا:كيف يمكن أن تفرق الآن بين لغة (فولتير)باعتبارها لغة أجنبية في الجزائر يمكن تعلمها وإتقانها مثل جميع اللغات الأجنبية الأخرى كالإنجليزية، والألمانية،والفارسية واليونانية،والهندية،والإسبانية، ونحو ذلك من لغات العالم؟!!وبين لغة(لاكوست)الاستعمارية الدخيلة على المجتمع الجزائري، والتي لازالت بيننا إلى يومنا هذا!!؟ والجواب عن ذلك أراه يسيرا، لا غموض فيه، ولا التواء، فالذي تعلم اللغة العربية بطلاقة: بنحوها وصرفها، وبلاغتها، يستعملها في حياته اليومية العملية، في الإدارة وجميع القطاعات الأخرى، وهي عند القائد والوزير وكل مسؤول ومواطن، من القمة إلى القاعدة، يخاطب بها المرء الخاص والعام من الناس، وخاصة عندما يتوجه إلى شعبه من خلال هذا المسؤول أوذاك، أو هذا المواطن أو ذاك، أو هذا الجمهور أو ذاك، بمناسبة معينة، ولا يستعمل اللغة الفرنسية في معاملاته إلا في المحافل الدولية إذا تطلب الأمر ذلك. فالذي يتقن اللغة الفرنسية: بنحوها وصرفها، وبلاغتها بغية الاستفادة منها لهذا العلم أو ذاك، أو الإطلاع على جريدة أو كتاب، أو نظرية، أوثقافة أو معاهدة ونحو ذلك، فنقول أن هذه هي لغة (فولتير) شأنها شأن أي لغة أخرى يتعلمها الجزائري في بلاده. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخاطب بها شعبه، أو فردا من أفراد أمته، مهما كانت الظروف والأسباب !!.


أما إذا كان هذا القائد أو الوزير، وكل مسؤول ومواطن من القمة إلى القاعدة لا يحسن لغته الوطنية إلى اليوم بطلاقة: بنحوها، وصرفها، وبلاغتها، لا يستعملها مع قومه وشعبه إلا بصعوبة كبيرة، فيؤنث المذكر، ويذكر المؤنث ،أو يصرف الممنوع من الصرف، أو ينصب الفاعل، ويرفع المفعول به، أو يعمد على قاعدة (سكن تسلم) ونحو ذلك من الخلط والفوضى اللغوية، بل تراه يتلذذ حين يتكلم باللغة الفرنسية أمام شعبه وقومه، ولا يستحي منه، وهو يعرف حق المعرفة أنه شعب عربي جزائري وليس فرنسي!! بل هو يدرك أن السواد الأعظم من شعبه لا يحسن ولا يتقن اللغة الفرنسية. هل وجدتم قائدا أو مواطنا في فرنسا يتكلم مع شعبه بلغة أخرى غير اللغة الفرنسية!! وهل وجدتم الإنجليزي أو الألماني أو الإسباني يخاطب شعبه من خلال مسؤول أو وزير أو مواطن بلغة غير لغته الإنجليزية أو الألمانية أو الإسبانية؟!!.


فلو فعل هذا القائد أو الوزير أو المسؤول أو المواطن مع شعبه هذا الأسلوب في التخاطب معه، فكيف يكون رد فعل هذا الشعب الحي أو ذاك يا ترى؟!! قد تقوم القيامة كما يقال، ولا أحد بمقدوره أن يغلق بعد ذلك أبواب جهنم التي فتحها حتى يستقيل من منصبه، بل أجزم أنه سيجرّم على أنه خان شعبه، وأنه يتكلم معه بلغة لا يفهمها السواد الأعظم من شعبه، وأنها لغة دخيلة حلت محل لغته الوطنية التي تمثل كيانه ووجدانه، ووجوده وتاريخه، وحضارته وثقافته، وفكره، ونحو ذلك.


هذه هي لغة (لاكوست) التي يجب محاربتها في الجزائر باعتبارها لغة الاستعمار وليس لغة أجنبية، فالذي لم يتعلم اللغة العربية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا يبقى فريسة للاستلاب الفكري والثقافي والحضاري، وعرضة للتنازل عن مقوماته ولغته ودينه وتاريخه، ولا مناص للخروج من هذه الحلقة اليائسة والبائسة إلا إذا استعاد لسانه، فهو وعاء تجد فيه كل مقومات الشعب الجزائري فهناك قائد عربي في الشرق العربي لا تحسن زوجته اللغة العربية بطلاقة لأن والدتها غير عربية، فما كان عليه إلا أن قدم لها دروسا خاصة من أحسن العلماء في اللغة والأدب العربي، حتى تشرفه أمام شعبه ولا تخذله بلكنة لسانها،وها هي الآن تتكلم وتتحدث بطلاقة ولا تجد صعوبة في مفردات اللغة!! ناهيك عن الرجل إذا كان لا يحسن لغته الوطنية!!.


فالجزائري الذي يحسن اللغة العربية الآن بعد هذه المدة من الإستقلال ، فهذه اللغة الفرنسية تعتبر في هذه الحالة لغة (فولتير) باعتبارها لغة أجنبية شأنها في ذلك شأن جميع اللغات في العالم، والتي يمكن الإستفادة منها مثل الإتجليزية والألمانية، والإسبانية بل حتى اللغة الصينية والروسية ،والفارسية والعبرية،ونحو ذلك من اللغات باعتبارها لغة أجنبية. أما الجزائري الذي لا يحسن اللغة العربية حتى الآن، وبعد هذه المدة من الإستقلال ولا يحسن إلا اللغة الفرنسية وغيرها من اللغات الأجنية الأخرى، فهذه اللغة التي يخاطب بها الناس في مجتمعه هي لغة (لاكوست) بامتياز،ولا مبرر القول بعد اليوم أنها لغة أجنبية شأنها شأن جميع اللغات الأخرى، فلو كان الأمر كذلك لإختار الشعب الجزائري اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة العلم والحضارة والتكنولوجيا عكس اللغة الفرنسية،والدليل على ذلك فإن الجزائري الذي يسعى للحصول على شهادة عليا من فرنسا في العلوم الكونية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء ونحو ذلك، يجد كل المراجع باللغة الإنجليزية لا باللغة الفرنسية.


وصفوة القول: فمن يعتقد أن هناك صراعا بين العربية والفرنسية، فهو واهم ومخطئ لأن الفرنسية ليست ندا ونظيرا للغة العربية في الجزائر، فهي ليست ربيبة للغة العربية أو بديلا لها، ولا ينبغي أن تكون كذلك، بل الصراع في واقع الأمر وحقيقته يتجلى أساسا وينحصر حتما بين لغة (فولتير) الأصيلة، وبين لغة (لاكوست) الدخيلة.

الأستاذ:مومني عبد العالي
ثانوية بوالروايح - قالمة ـ


هوامش:

1-الخصائص:لابن جني.
2-المختار في الأدب والنصوص- ص:49-50
3-المرجع نفسه- ص:50.
4-عيون البصائر:البشير الإبراهيمي.
5-المختار في الأدب والنصوص:- ص12.